عاجل آخر الأخبار
مباشر
wb_sunny

خير عاجل

✍️جرة قلم✍️الحلقة السابعة: المغرب و ملف أفارقة الصحراء.. من الأزمة إلى الحل

✍️جرة قلم✍️الحلقة السابعة: المغرب و ملف أفارقة الصحراء.. من الأزمة إلى الحل



برشيد نيوز : بقلم نجاة زين الدين

لم يعد ملف أفارقة  جنوب الصحراء بالمغرب مجرد قضية إنسانية عابرة، بل صار معضلة أمنية و إجتماعية و إقتصادية ضاغطة. فالسلوكيات العدوانية و العنف الغير المبرر الذي برز في بعض المدن المغربية، نتيجة إحتكاكات بين بعض المهاجرين و بعض الشباب المغاربة، يطرح تساؤلات حادة حول مستقبل السلم الإجتماعي بالمغرب، و حول قدرة الدولة على تحويل هذا الملف من عبء متفجر إلى فرصة لبناء نموذج متوازن.

لقد تحولت المملكة من بلد عبور إلى بلد إقامة إضطرارية لآلاف المهاجرين الذين علقوا في أراضيها، بعد أن أوصدت أوروبا أبوابها في وجوههم، و تركت المغرب يواجه مصيرا لم يختره، بل فرض عليه، تحت ضغط الإتفاقيات مع الإتحاد الأوروبي، أقحم المغرب في دور "شرطي الحدود"، دون أن يمنح الدعم الكافي لتدبير آثار هذا الوضع، و هكذا أصبح المجتمع المغربي يتحمل الكلفة الباهظة وحده، في شكل توترات أمنية، و صدامات يومية، و مظاهر عنف  متبادلة و متزايدة.

إن غياب سياسة الإدماج الواضحة جعل فئات واسعة من هؤلاء المهاجرين تعيش في عزلة إجتماعية قاتلة، لا عمل و لا تعليم و لا أفق، و لأن الفراغ يولد الإنحراف، برزت بعض السلوكيات المشينة التي تهدد إستقرار الأحياء و المدن، و تزرع بذور الكراهية بين أفارقة جنوب الصحراء و المغاربة، الذين يتقاسمون مع الأوائل  نفس التاريخ و نفس المصير...و الحقيقة أن الإستمرار في التعاطي مع هذا الملف بمنطق أمني صرف لن يفضي إلا إلى المزيد من الإنفجار و الإحتقان.

1)مقاربة جديدة توازن بين الأمن و الإنسانية:

 إن الحل الحقيقي يكمن في مقاربة شمولية متوازنة، ترتكز على أربع دعائم أساسية:

*) البعد القانوني:

لا بد من إرساء إطار قانوني واضح و صارم ينظم وجود المهاجرين، و يحدد من له الحق في طلب اللجوء أو الإقامة، و من يجب أن يرحل بطريقة إنسانية، كما يجب تعزيز التعاون الأمني و القضائي مع بلدان المنشأ الإفريقية، لضبط تدفقات الهجرة في إطار المسؤولية المشتركة.

*) البعد الإجتماعي:

ينبغي إحداث مراكز للإستقبال و للإدماج تفرز المهاجرين بحسب وضعياتهم، و توفر برامج للتأهيل النفسي(لدعم الشباب الفار من الحروب و التقتيل الإثني و الصراعات الداخلية...) و التربوي( لدعم أولئك الذين لم يحظوا بفرصة التعلم...)،  خاصة لفئة المراهقين و الشباب، كما يجب إطلاق مبادرات للتعايش الثقافي بين الشباب المغاربة و إخوانهم الأفارقة، عبر الرياضة و الفن و العمل التطوعي، لكسر جدار الكراهية و إفشال مخططات التقسيم و التفرقة المزروعة بفعل الآليات الإستعمارية الحاقدة و التي تتبنى شعار ""فرق تسود

*) البعد الإقتصادي:

إن إشراك المهاجرين في سوق العمل المنظم، خصوصا في قطاعات تحتاج لليد العاملة في قطاعات لم تعد تثير إهتمام المغاربة: كالفلاحة و البناء، كفيل بتحويلهم من عبء إلى قيمة مضافة، كما أن تمويل مشاريع صغيرة مشتركة بين المغاربة و أفارقة الصحراء سيساهم في خلق روابط إيجابية بدل الصدامات و الصراعات المعلنة و الضمنية.

*) البعد الدبلوماسي و الدولي:

فالمغرب مطالب بالضغط على الإتحاد الأوروبي لتحمل مسؤولياته كاملة، فليس من المنصف أن تتحول المملكة إلى مخزن بشري للهجرة خدمة لأوروبا، كما أن تعزيز الشراكات مع بلدان إفريقيا جنوب الصحراء ضروري لخلق مشاريع تنموية تحد من دوافع الهجرة.

2)نحو رؤية بعيدة المدى:

إن معالجة هذا الملف لا تعني فقط حماية الأمن الوطني، بل أيضا حماية النسيج الإجتماعي المغربي من التآكل، و حماية صورة المغرب كبلد للحقوق و للإنسانية. فالرهان الأكبر يكمن في أن يحول المغرب هذا التحدي إلى فرصة لصياغة نموذج إفريقي رائد في إدارة قضايا الهجرة، تحدي: قائم على التوازن بين السيادة الوطنية و الإلتزام بالقيم الإنسانية.

فبدون هذه الرؤية الشمولية، سيظل الملف قنبلة موقوتة تهدد السلم الإجتماعي، و تفتح الباب أمام المزيد من الفوضى و الإنحراف و الإحتقان، في غياب مقاربة عقلانية جادة، لنتمكن من تحويل الخطر إلى فرصة للعمل المشترك الساعي إلى النهوض بالقارة و التحرر من ربقة التبعية الإستعمارية.

3) وجوب تطبيق الصرامة لإستثباب الأمن:

إن صرامة تطبيق القاعدة القانونية تبقى الضمانة الكبرى و الوحيدة لصيانة الأمن و الإستقرار، فلا فرق في ذلك بين المواطن المغربي أو الوافد الإفريقي من جنوب الصحراء، ما دام الجميع يخضع لسيادة القانون و روح العدالة، فالمغرب، الذي إختار أن يفتح حدوده بوعي و بمسؤولية في إطار إحترام حرية التنقل و صون حقوق الإنسان، لا يمكن أن يقبل بأن تتحول قيم الإنفتاح و الضيافة إلى مدخل للفوضى أو مبرر لخرق الضوابط، و من ثم، فإن كل من سولت له نفسه تجاوز حدود الشرعية و اللياقة الأدبية في شروط الإستقرار، أو التمرد على قواعد العيش المشترك، وجب أن يواجه بالحزم المطلوب، و يعاقب وفق القوانين الجاري بها العمل،  بعدل لا يعرف محاباة و بحزم لا يقبل تهاونا، حتى تظل حرية التنقل مقرونة بواجب إحترام النظام العام، و تبقى سيادة المغرب فوق كل إعتبار.

Tags

المتابعة عبر البريد

اشترك في القائمة البريدية الخاصة بنا للتوصل بكل الاخبار الحصرية