عاجل آخر الأخبار
مباشر
wb_sunny

خير عاجل

ولاة وعمال بين التعليمات الملكية... وواقع التدبير المحلي الباهت

ولاة وعمال بين التعليمات الملكية... وواقع التدبير المحلي الباهت

بقلم سعيد العتماني

في السنوات الأخيرة، صدرت تعليمات واضحة وصريحة للولاة والعمال من أعلى سلطة في البلاد، مفادها النزول إلى الميدان، والإنصات إلى مشاكل المواطنين، وتنظيم الأسواق، والتصدي لكل مظاهر الريع، فضلاً عن تتبع ومراقبة الأوراش التنموية، في إطار رؤية ملكية تروم ترسيخ دولة الإنصات والنجاعة.

لكن هذه التوجيهات، على أهميتها ووضوحها، اصطدمت بواقع مرير في عدد من الجهات والأقاليم، يتمثل في ضعف الرؤية التنموية للجماعات الترابية، وعجزها عن تقديم برامج واقعية، أو حلول عملية للمشاكل اليومية التي يعاني منها المواطنون.

أمام هذا الفراغ، وجد العديد من الولاة والعمال أنفسهم مضطرين لإعادة تأطير المنتخبين المحليين، بل أحياناً تعويضهم في أداء أدوارهم الأساسية، مما يطرح تساؤلات جوهرية حول منطق اللامركزية، وجدوى تفويض الصلاحيات في ظل غياب الكفاءات.

ما يفاقم الوضع أكثر هو أن عدداً كبيراً من المنتخبين المحليين، جاؤوا إلى المسؤولية بدون تكوين حزبي حقيقي، ولا رؤية تدبيرية واضحة، وكل ما يحركهم هو منطق الفوز الانتخابي، وعدد الجماعات التي استطاعت الأحزاب "حصدها"، لا من أجل خدمة المواطنين، بل لأغراض سياسوية ضيقة.

وفي هذا السياق، تتحمل الأحزاب السياسية مسؤولية تاريخية في تدهور الأداء المحلي، لأنها تزكي أشخاصاً لا يمتلكون الحد الأدنى من الكفاءة أو الوعي بمفهوم التدبير المحلي، ما يجعل الجماعات الترابية عاجزة عن بلورة أي تصور تنموي جاد، ويزيد من الضغط على رجال السلطة الذين وجدوا أنفسهم في الواجهة، يؤدون أدواراً مزدوجة: متابعة الأوراش، وتكوين المنتخبين في الآن ذاته.

إن المقارنة اليوم واضحة وصادمة: من جهة، ولاة وعمال يبذلون جهوداً حثيثة لتنزيل النموذج التنموي الجديد، ومن جهة أخرى، جماعات ترابية بدون خطة عمل، وبدون روح المبادرة، تعيش على إيقاع الارتجال وتدبير "اليوم بيومه"

الخلاصة، أن التوجيهات العليا تضع الإطار العام، لكن نجاعة التنفيذ مرتبطة بالفاعلين المحليين. وإذا لم تتدارك الأحزاب السياسية الوضع، وتعِدّ نخباً جديدة قادرة على فهم لغة التنمية ومفاتيحها، فإن رجل السلطة سيظل وحيداً في الميدان، يحارب معارك لا تُخاض بالأوامر، بل بالشراكة والتكامل.

الله يكون في عون ولاة وعمال الجهات والأقاليم، فقد كُلفوا بمهمات تنموية كبرى، لكنهم يشتغلون وسط فراغ فكري وسياسي قاتل، فرضته نخب انتخابية لا تؤمن سوى بصناديق الاقتراع، لا بما بعدها.

Tags

المتابعة عبر البريد

اشترك في القائمة البريدية الخاصة بنا للتوصل بكل الاخبار الحصرية