إقليم برشيد..عامل جلالة الملك يعيد رسم ملامح الأمل على تقاطع الرعب بعد سنوات من التطبيع مع البؤس
برشيد نيوز : بقلم نجاة زين الدين
في زمن تعود فيه المواطن على جمود الإدارة و تكلس القرار، و على طرق لا توصل إلا إلى مزيد من سفك الدماء و تناثر الحسرات، تبرز مبادرة حقيقية تستحق التنويه، لا من باب المجاملة،( لأنني معروفة بصراحتي و بجرأة مواقفي الصادقة) بل من زاوية الإلتزام بالواجب الوطني في الشهادة و إحقاقا للحق لما ينجز فعلا، لا لما يعرض في بلاغات المناسبات و الخطابات الرسمية لمواكبة الأعياد الوطنية و ....
إن النقطة الكيلومترية الرابطة بين مدينة برشيد و حد السوالم، و تحديدا تلك المنطقة القابعة تحت القنطرة بالعسيلات، لم تكن مجرد ممر للطريق، بل كانت لعقود طويلة وصمة عار في جبين الإقليم، بحيث كانت مرتعا للجرائم، و مرصدا لحوادث سير مميتة، و نقطة فياضانات مخيفة و إن كانت التساقطات هزيلة و مصدرا دائما للرعب الذي يطارد الساكنة و المارة على حد سواء.
لكن يوم أمس فوجئت على غرار الكثيرين أكيد، أنه أخيرا، هبت نسائم التغيير مع الوافد الجديد على عمالة برشيد، السيد العامل الذي لم يختر الإنحناء لرتابة الوضع و لا المسايرة الصامتة، بل إختار على ما يبدو أن يصافح الأرض قبل الأوراق، و أن ينصت لأصوات الناس قبل تقارير الموظفين... و بكل حزم، تم تغيير معالم النقطة السوداء التي طالما إنتظر الجميع تحركا لإنقاذها و لإصلاح وضعها و إن لم يكن كليا فعلى الأقل كان الأمر ترقيعيا إلى أن يتم الإصلاح الكلي لطرقات مدن الإقليم التي أعتبرها وصمة عار تسود حبين كل منتخبي الجماعات الترابية للإقليم بدون إستثناء...
✳️ تحية واجبة... يتبعها سؤال مشروع:
نعم، نرفع قبعة التنويه لهذه المبادرة الحازمة التي أنقذت الأرواح وردت الهيبة للسلطة الترابية، لكنها، و في الوقت ذاته، تفتح الباب لسؤال لا يقل مشروعية و لا وطنية مفاده:
إلى متى ستظل وزارة التجهيز و النقل تتصرف كجسم غريب عن حاجات الإقليم؟
لماذا تظل المدن المحورية التابعة لعمالة - برشيد، حد السوالم، سيدي رحال - ترزح تحت شبكات طرقية مهترئة و بنية تحتية هزيلة لا تلبي إحتياجات المواطنين و المستثمرين بالمنطقة على حد سواء ؟
أين الوزارة من تقطيع ترابي ديناميكي يتطلب تجاوبا فوريا مع متغيرات العمران و الكثافة السكانية؟
السيد العامل، و نحن نرقب تحركاتكم و خطواتكم التي تنم على علو الهمة و تقدير المسؤولية و عدم التساهل مع أي إستهتار او تقصير، نسائلكم بشفافية و صدق:
هل ستسمحون بإستمرار هذا البطء الإداري؟
هل ستتركون الوزارة المعنية تدير إقليما حجم عمالتكم بمنطق التغافل و التجاهل لمتطلبات و إحتياجات الساكنة و كل المستثمرين بالمنطقة ا؟
أم أنكم، و قد لمسنا منكم الصرامة و الصدق في التحرك، ستقودون ثورة تنموية حقيقية تشرك فيها القطاعات الوزارية الوصية رغم أنف بيروقراطيتها المتصلبة؟ و فساد محيطها الشائك...أعلم شخصيا أن المهمة لن تكون سهلة، لكنني متأكدة من قدرتكم على تجاوز كل مثبطاتها و إكراهاتها بحكمتكم و تاريخكم العملي الذي يشهد لكم بجديتكم و صدق أدائكم السابق المشرف.
🔥 ملفات ملحة في عنق المسؤولية:
الإقليم اليوم ليس بحاجة فقط إلى إصلاح نقطة سوداء على الطريق، بل إلى خطة إنقاذ شاملة من مستنقع العطالة المؤسساتية و الإجتماعية، إذ لا يخفى على أحد أن حزام المدن الكبرى بالإقليم تحول تدريجيا منذ سنوات عديدة إلى أحزمة إختناق أمني و أخلاقي بسبب:
*)تفشي المخدرات و أوكار الدعارة في غياب مراقبة حقيقية.
*)الإحتلال الكارثي للملك العمومي من قبل باعة عشوائيين لا يردعهم قانون و لا تنظمهم قواعد تنظيمية تتكفل بتأهيل وعيهم و فكرهم قبل مواقع كسب قوتهم اليومي...
*)تهالك البنية التحتية و الخدماتية الحضرية التي لا تواكب وتيرة التحولات الديمغرافية و تحول المنطقة من زراعية الى صناعية...
🌱 مشروع الأمل... هل أنتم مستعدون لإطلاقه؟
نحن على يقين أنكم تدركون أن المقاربة الأمنية وحدها لا تكفي، و أنكم تعوون بأن التنمية الحقيقية تبدأ من إعادة هندسة الفضاء العام، و توفير بدائل للشباب، و تنظيف المجال من أعشاش الفساد البنيوي و تجفيف مستتقعاته داخل بعض الجماعات الترابية التي تقتات على الريع و الركود.
لذلك كله ننتظر منكم:
*)برنامجا تنمويا متكاملا يعلن قطعا جذريا مع منطق "الترقيع".
*)إطلاق مشاريع مهيكلة في البنية الطرقية داخل المجال الحضري و الإقليمي لإنقاذ الساكنة من نزيف الحوادث المميتة و من الإنحرافات السلوكية المهينة...
*)تفعيل دور اللجان الإقليمية لمراقبة الفوضى و الإحتلال العام للملك العمومي بمنطق القوة و بصيغة التذمر اللاواقعي و المستهتر
*)جرأة في محاسبة المتورطين في تعطيل المصالح العامة، و لو كانوا منتخبين.
🖊️ في الختام:
السيد العامل،
أنتم اليوم في موقع تاريخي، فإقليم برشيد ليس مجرد قطعة ترابية داخل جغرافية وطنية، بل قلب نابض بشباب يحمل أملا لكن تنطفئ شعلته بسبب التسويف الإداري المحبط لإرادته، مما يتسبب في رميه في أحضان الإستسلام للهجانة و للإحباط و اليأس و هلم ما جرى...
و أنتم - كما ظهر لنا في أولى تحركاتكم - لستم مجرد موظف إداري يؤدي مهامه و حسب، بل مسؤولًا يحمل هم التغيير الصادق و هم شعب بالكامل و هموم شريحة مهمة من هذا الشعب، شاءت الأقدار أن تتكفلوا بتدبير شؤونها الإدارية و بتحمل مسؤولية تغيير أوضاعها...
لذلك نكتب لكم، لا لنصفق لما تحقق فقط، بل لنسائل، و نراقب، و ندعم، و نذكركم دوما أن في الإقليم شعبا لا يريد سوى أن يحيا بكرامة، على طرق آمنة، في مدن نظيفة، و وسط فرص تليق بأحلامه و تلبي طموحاته و ترتقي به في مصاف العمالات الكبرى.
وفقكم الله لما فيه خير الوطن و المواطن و كان لكم عونا و نصيرا.