رأس العين الشاوية.. صهيل مجد الخيل يزلزل رأس العين من خلال النجاح الباهر الذي يسطر تاريخ فن التبوريدة المغربية
برشيد نيوز: محمد الساقي
في قلب منطقة الشاوية الوادعة، وعلى أرض رأس العين الخصبة، سطع نجم الدورة الرابعة عشرة لمهرجان رأس العين الشاوية للتبوريدة، ليحول المنطقة إلى ساحة احتفالية صاخبة، تعبق بأصالة الماضي وتطلعات المستقبل. فمنذ اللحظات الأولى لانطلاق فعالياته، وبدعم سخي من وزارة الشباب والثقافة والتواصل، وبتظافر جهود مجلس جماعة رأس العين الشاوية وفعاليات المجتمع المدني النشيطة، تجلى نجاح باهر فاق كل التوقعات، مرسخًا مكانة المهرجان كأحد أهم المحطات في رزنامة التراث المغربي الأصيل.
لم يكن الإقبال الجماهيري الغفير على هذه التظاهرة الفنية مجرد أرقام عابرة، بل كان تعبيرًا حيًا عن شغف المغاربة بتراثهم العريق، وعشقهم لرياضة الفروسية التقليدية التي تجسد قيم الشجاعة والفروسية والوحدة. فمن مختلف ربوع المملكة، حج الآلاف لمشاهدة هذا العرس التراثي، الذي استقطب أزيد من 50 سربة، بما يعادل حوالي 1000 حصان أصيل، تمثل خمس جهات من المملكة الشريفة. هذه المشاركة الواسعة عكست بحق التنوع الثقافي والعمق التاريخي للتبوريدة المغربية، وأكدت على مكانتها كرمز للهوية الوطنية.
تحت شعار "مغرب 2030: تنمية شاملة لمستقبل واعد"، اكتسبت هذه الدورة بعدًا وطنيًا أعمق، حيث جسدت التطلعات الطموحة للمملكة نحو تحقيق تنمية مستدامة وشاملة، تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله. كما حملت الدورة في طياتها احتفالًا بهيجًا بالذكرى الثانية والعشرين لميلاد صاحب السمو الملكي الأمير الجليل مولاي الحسن، تلك المناسبة الغالية التي تترسخ في قلوب المغاربة قاطبة، وتجدد فيهم معاني الأمل والاعتزاز بمستقبل مشرق.
لم يقتصر المهرجان على عروض التبوريدة المذهلة التي تخطف الأنفاس، بل امتد ليشمل برنامجًا فنيًا وثقافيًا متنوعًا، أثرى ليالي رأس العين الشاوية بسهرات فنية بهيجة، أحياها نخبة من الفنانين المرموقين، وعلى رأسهم الفنان المحبوب عبد الله الداودي. هذه الأمسيات الفنية شكلت فضاءً للبهجة والتواصل، وجمعت بين عبق التراث وروح الحداثة، لتلبية أذواق مختلف الشرائح الجماهيرية.
إن النجاح الباهر الذي حققه مهرجان رأس العين الشاوية في دورته الرابعة عشرة، والذي يستمر حتى الحادي عشر من شهر ماي الجاري، ليس مجرد حدث عابر، بل هو شهادة حية على قوة الإرادة، وعمق الأصالة، والقدرة على تنظيم فعاليات كبرى تليق بمكانة المغرب وتاريخه. إنه تأكيد على أن التراث المغربي يظل نبضًا حيًا في قلوب أبنائه، ومصدر إلهام للأجيال القادمة، ومحركًا للتنمية الشاملة التي يطمح إليها الوطن. فلتستمر أفراح رأس العين الشاوية، وليظل صهيل خيولها يتردد في سماء المغرب، حاملًا بشائر الخير والازدهار.