مسمار الوقاية المدنية وضجة استغلال الملك العام بالدروة
بقلم/ الخدير لغرابي
في خضم الجدل الذي أثاره مقطع مصوّر بثته إحدى المنصات الإعلامية حول وجود منبع مياه تابع للوقاية المدنية بمدينة الدروة، والذي خلّف موجة من التفاعل الشعبي بين متعاطف ومنتقد ، يجد المتابع للشأن المحلي نفسه مدفوعًا للتفكير أعمق في الواقع العام لاستغلال الملك العمومي، دون السقوط في نقاشات هامشية قد تبتعد عن لب القضية.
لا يتعلق الأمر هنا بالرغبة في التطرق للظروف والاعتبارات التي دفعت مصلحة الرخص لمنح الترخيص، ولا الدخول في نوايا الجهات التي استهدفت هذا المشروع الذي تبناه مهاجر مغربي مقيم بالولايات المتحدة الأمريكية، يعمل كطبيب بيطري ويحول مدخراته لابنه قصد الاستثمار في وطنه الأم، وبالضبط بمدينة الدروة.
كما لا يمكن حصر النقاش فقط في ما جاءت به النقطة الرابعة من الرخصة، التي تمنع منعا باتًا تثبيت أي بناء أو أعمدة فوق الملك الجماعي العام، إذ إن الحديث عن هذا الأمر سيقودنا لا محالة إلى استحضار واقع استغلال الملك العام من قبل عشرات المحلات والمقاهي في المدينة، التي تمارس الأمر ذاته دون احترام القوانين المنظمة أو الالتزام ببنود الرخص الممنوحة لها.
غير أن السؤال الجوهري الذي يفرض نفسه اليوم بإلحاح، يتجاوز تفاصيل المشروع محل الجدل، ويتعلق بالغياب الكلي لمرفق الوقاية المدنية بالدروة، المدينة التي تشهد توسعًا عمرانيا وديموغرافيا مضطردًا، وتواجه حالات متعددة تتطلب تدخلا فوريا من عناصر الوقاية.
وفي هذا الصدد، تبرز اتفاقية موقعة بتاريخ 06 فبراير 2023 بين المديرية العامة للوقاية المدنية ممثلة في شخص السيد القائد الإقليمي، وجماعة الدروة ممثلة في السيد رئيس المجلس الجماعي، والسلطة الإقليمية ممثلة في السيد عامل الإقليم.
هذه الاتفاقية، التي كان من المفترض أن تترجم على أرض الواقع بولادة مركز للوقاية المدنية بالدروة، ما زالت حبيسة الأدراج، دون تفعيل أو توضيح لمصير الاعتمادات المالية المرصودة لها، أو حتى التواصل مع الساكنة حول أسباب هذا التأخر غير المفهوم.
فإلى متى ستظل مدينة الدروة، بكل ما تمثله من كثافة سكانية وحيوية اقتصادية، محرومة من مرفق أساسي كـ الوقاية المدنية؟ وأين تذهب وعود الالتزام الموقعة بين المؤسسات الثلاث؟ والأهم من ذلك، من يتحمل مسؤولية التأخير في إخراج هذا المشروع إلى النور، رغم جاهزية الأطراف المعنية الضرورة الملحة لوجوده حفاظا على الممتلكات و الأرواح لمدينة تبلغ كثافتها السكانية 97 ألف نسمة والعدد مستمر في الصعود ؟
في النهاية، تبقى الوقاية المدنية مرفقًا لا يحتمل التأجيل، ولا يمكن أن يُنظر إليه كموضوع قابل للتسويف الإداري، لأنه يتعلق بسلامة الأرواح والممتلكات، في مدينة تتطلع ساكنتها إلى الحد الأدنى من شروط الحماية والأمان.