بقلم الجيلالي طهير : رجال ولاد حريز خالدون
برشيد نيوز : بقلم الجيلالي طهير
كانوا هنا، مروا من هنا، رحلوا. رجال حقيقيون كان لهم نفوذ، وكانت لهم هيبة وكلمة مسموعة. قامات ومقامات حريزية بالدم والروح سارت بذكرهم الركبان. أرعبوا السلطات الفرنسية، بسبب شراستهم في حروبهم القديمة، فساكنتهم وهادنتهم، وحافظت لهم على الزعامة والمكانة. وتلك كانت السياسة المرسومة من طرف الجنيرال ليوطي في التعامل مع دار المخزن (القصر) ومع رجال المخزن. على الرغم من عدم مجايلتنا لهؤلاء الكبار، بمجرد أن تتردد أسماؤهم أمام مسامعنا يسري شيء خفي بداخلنا، لا ندري كيف ومن أين يأتي، يجعلنا ننحني بكل عفوية إجلالا لذاكرتهم التي تخترق الزمان والمكان، يرحمهم الله. لعله الجاه، ومفاعيل الجاه، الرأسمال المتوارث من الأجداد الذي يبعث ما يشبه الرهبة في النفوس الصافية المتعافية. ما أروع أن تحكم وأنت مرفوع الراس، فيظل اسمك خالدا يتردد صداه بين الأجيال.
عند اندلاع الحرب العالمية، تلا الحاكم الفرنسي رسالة على أعيان أولاد حريز، يطالبهم فيها بإحصاء شباب الدوايير التابعة لهم، من أجل إرسالهم إلى ساحة القتال. فقال له الشيخ العايدي بن علي بن احسين التعلاوتي، ما معناه: " شي متكي وشي يموت عليه". وبمناسبة تنصيب محمد بن عرفة سلطانا على البلاد بطريقة غير شرعية، طلب الحاكم الفرنسي من الشيخ بوشعيب بن الجيلالي بن عمرو الفقري تنظيم حفل للفروسية احتفالا بالحدث، فأجابه: " الفقرة ما عندهم خيل". وفي زمن غير بعيد، استدعى عامل إقليم سطات الكراوي الشيخ محمد الوزاني إلى مكتبه، وكان هذا الأخير قد عنف خليفة الباشا محمد برشيد ، المدعو العلمي، الذي أخطأ في كتابة تواريخ الازدياد بالوثائق التي طلبها منه، وجرت متابعته بإهانة رجل سلطة، قبل أن تتدخل جهات عليا لتهدئة الموقف. قال له العامل مرحبا: " تفضل آ الشريف"، فأجابه الوزاني: " حتى يموتو اللي يعرفونا عاد نعودو شرفا"، ومعناه أنك لا تعرفني، وأنا لا أنتمي لطبقة الشرفاء. أصيب العامل بالإحراج وأخفى امتعاضه (..). ولما نودي على الخليفة المدعو العلمي، رفع هذا الأخير يديه معتذرا للوزاني وقال له: " ديرني بحال ولدك". أجابه رجل المخزن سابقا: " نديرك بحال ولدي؟ وا.. سير اولدي الله يسخط عليك".
الصور: الشيخ العايدي بن علي بن حسين التعلاوتي وابنه الشيخ محمد الوزاني ، والشيخ بوشعيب بن الجيلالي بن عمرو الفقري ديال بير الثور، يرحمهم الله.
