عاجل آخر الأخبار
مباشر
wb_sunny

خير عاجل

بقلم الجيلالي طهير : 1976، انتخابات الزمن الأبيض والأصفر.

بقلم الجيلالي طهير : 1976، انتخابات الزمن الأبيض والأصفر.

الصورة: الأستاذ حسن الوزاني ووالده الشيخ محمد الوزاني والمسيو مارون وابنه بييرو، شقيق الأستاذة الكريمة مدام فالانتان، يحفظها الله.
بقلم: الجيلالي طهير
ظهر الاتحاد الاشتراكي في المخيلة الشعبية كأسطورة، وانتهت به توالي  الأيام  إلى خرافة النمور الورقية. سذاجة أم نرجسية قصوى؟ آباؤنا رأوا السلطان المنفي على سطح القمر، ونحن كنا رأينا شي غيفارا في المرآة. أيها السراب الخادع، كيف حولت فينا  السهل المنبسط إلى أدغال بوليفية؟  كيف كان التاريخ يعيد نفسه، ولم ننتبه إلى ما كان يجمعنا بعبيد البخاري؟ هؤلاء الآباء  المحافظون أدوا قسم الوفاء  لعلال الفاسي  على المصحف الشريف، ونحن كنا المشروع الحداثي الذي أقسم على  الفداء لعمرو بنجلون بالأرواح وبالدماء. يعلمنا التاريخ، عندما يموت السيد، أو عندما تتبخر الايديولوجيا، يتحول حراطين الغنائم  الذين كانوا  يدقون طبول الحرب الى هنود حمر مرتزقة، ولو  بريش حمام.
 ولد الاتحاد الاشتراكي عاريا،  بأحد  منازل حي آرلو، إلا من ورقة التوت الصفراء التي كانت تحمل صورة مرشحه للانتخابات التشريعية، سعد الله صالح رحمه الله. وفي عرس الولادةـ كانت توزع المنشورات الحزبية وتتطاير  الشعارات  في الهواء على مدار الأيام. لا عجب، ففي الحب، كما في المعتقد، يكون  الأداء الغنائي الطريق الأنجع للوصول إلى القلب.... في كل مساء، بعد آذان المغرب،  كان  لعناية بلقاضي رحمه الله، من جيران المقر  الحزبي، يعبر  عن انزعاجه من صناعة هذا الضجيج السياسوي بمزحته الخاصة: " ادراري كيخرجو في لورد". 
صراخ بداخل القبور يقابله  صمت بخارج القبور.  غير بعيد، في أحد المنازل المملوكة للشيخ محمد الوزاني بزنقة طارق بن زياد، كانت الماكينة الصامتة لابن صاحب الدار، المرشح الحر، الأستاذ حسن الوزاني، توزع قمصانا بيضاء وبدلات رياضية خضراء على الحاضرين. من هناك، خرج صديقنا عبد الكريم ولد با صالح الحلاوي، شافاه الله، يرفل في قميصه الأبيض، متقدما كوكبة من الأطفال الصغار. عند بلوغ ملتقى زنقة موسى بن نصير وزنقة ابن خلدون، صادفه أصدقاء يرددون شعارات اتحادية لصالح مرشحهم سعد الله صالح. قال أحدهم : " هاي هاي ادراري،  شوفو  اسحيت لابس كفن، بحال يالله خارج من سيدي علي بلحاج، كفنو  ولد الوزاني".  لم يترد عبد الكريم  في خلع قميصه الأبيض، رماه ارضا وأخذ يردد مع الأغلبية العددية: " اتحاد اشتراكي، للقوات الشعبية". بعد مرور  نحو عشر سنوات، سيعتذر  له بعض الأصدقاء مازحين:" حرمناك من كريمة با عبد الكريم، لبقاعي بقات عا تشرشم ف الاتحاد الاشتراكي، حايد عا  بدري ودير ف لخنشة".
في تلك الأيام، نظم الاتحاد الاشتراكي مهرجانا خطابيا بالملعب البلدي. وقبيل صعود الخطباء إلى المنصة، شوهد الخصم المنافس، الأستاذ حسن الوزاني، يتمشى مع مناصرين له على طول خط الشرط بداخل رقعة الملعب.  في الاتجاه المقابل له، كان يسير  نحوه صديقه الاتحادي محمد الحليمي مع القرشاوي وجماعته. انطلق كاتب الفرع، محمد  بوعبيد رحمه الله،  مهرولا وطلب من الحليمي تغيير  المسار لتفادي  تبادل  التحية مع  الطرف المنافس. كان يحب أن يحدث اللقاء  كي يرى المراهقون بان الطبقة السياسية  مثل أنواع الجبن،  كما يقول الفرنسيون. تختلف في التسميات والطعم واحد، ولكن الشباب كانوا يرون أنفسهم  غيفارا في المرآة. فهل أخطأ بائع الاسفنج، بحي سابول، في رده على أحدهم  عندما أدخل أصبعه  كاملا في ثقب الاسفنجة وهي عجين، وقال: " شفت عا لمخزن مدخلو  فينا حتى لهنا" ؟
**

Tags

المتابعة عبر البريد

اشترك في القائمة البريدية الخاصة بنا للتوصل بكل الاخبار الحصرية