عاجل آخر الأخبار
مباشر
wb_sunny

خير عاجل

عبد الله القادري، لا استعلاء ولا استتباع

عبد الله القادري، لا استعلاء ولا استتباع

               

بقلم: الجيلالي طهير

عندما يسود منطق الجهل كل شيء يثير الاستغراب، لا شيء يثير الفضول، والعكس صحيح. عموم الجماهير ليس لذيهم افكار شخصية وهم فقط يتبعون الموضة وسياسة البطن. والآخرون ممن ساهموا في اقصاء المرحوم عبد الله القادري من المشهد السياسي يجددون عليه الرحمة ويعترفون بانه نقل برشيد من طور البداوة الى مرحلة التمدن.

نحن نتحدث عن الافراد الذين يمتلكون القدرة على النقد الذاتي، بغض النظر عن اختلافهم السياسي مع الفقيد، وليس عن الذين يفقدهم العمى السياسي الشعور بالرحمة، فلاهم يرحمون انفسهم، ولا هم يرحمون بعضهم البعض، فكيف يرحمون ابعد الناس اليهم. جسد عبد الله القادري افكار اليمين في مواجهة افكار اليسار.

من حيث المبدأ، يعطي اليمين الاولوية للحرية الفردية ويضع المساواة في الدرجة الثانية، بينما اليسار يعطي الاولوية للمساواة ويضع الحريات في الرتبة الثانية. يدافع اليمين عن المبادرة الحرة ويدافع اليسار عن تدخل الدولة في الحقلين الاجتماعي والاقتصادي من اجل تحقيق المساواة. اصحاب اليمين محافظون يعملون على ابقاء الوضع على ما هو عليه مع ادخال عنصر التجديد عليه لمواكبة المتغيرات.

اليساريون يرفعون شعار التغيير. لا يأتي العيب من الافكار يمينية كانت ام يسارية، بل من التقييم الخاطئ للأوضاع والفشل في تطبيق هذه الافكار على ارض الواقع. ماذا حصل بالضبط في برشيد؟ حقق عبد الله القادري نوعا من المساواة بتوزيع القطع الارضية على ساكنة مدن الصفيح، وركز على المشاريع الكبرى التي غيرت شكل المدينة على المدى البعيد، وكان انجازها قد استغرق فترة طويلة، مثل مشروع الحي الصناعي، مشروع الحي الحسني لإيواء ساكنة الصفيح، مشروع مركب المنتزه الرياضي كتعويض عن هدم مركب المسيرة الخضراء، توسعة حديقة المغرب العربي، بناء مقر عمالة الاقليم، الشريط الاخضر لشارع محمد الخامس وطريق الكارة، الخ.

اما اهل اليسار فكانت لهم حساباتهم السياسية العابرة التي قادتهم الى المبالغة في تفتيت النفقات وعدم استغلال الحق في الحصول على القروض الضرورية لانحاز المشاريع الكبرى. ظلوا يعتقدون بان خدمات الدين التي تصرف من ميزانية التسيير تقلص من الفوائد المخصصة لغرض التجهيز. فوتوا على انفسهم انجاز مشاريع كبرى واكتفوا بانجاز مشاريع صغيرة مبهرة في حينها، عن طريق التمويل الذاتي، اصبحت لا تراها العين بمرور الزمن.

بعض المشاريع لم تكن مدروسة بشكل جيد وكان مصيرها الفشل، وتم التراجع عن جزء منها بعد انقضاء مدة الولاية، مثل مشروع المحطة الطرقية، مشروع المركب الثقافي احمد وهبي ، مشروع المركب التجاري مصطفى لمعني ( القيسارية) .

من المؤكد ان اليسار فشل في تقديم نموذح خاص منسجم مع خلفيته الفكرية. لقد صنع الامل بالتغيير ولكنه تعايش مع السياسة الكبرى التي تفرضها السلطة المركزية على السياسة الصغرى للجماعات المحلية.

كان حزب اليسار ينتقد "الدولة المخزنية " وبعد فترة قصيرة من شد الحبل تم احتواؤه وتطويعه. ظل يعتقد انه يحتكر الحقل السياسي، لم يحقق التغيير المنشود، وقام بخنق الحريات والتضييق على الجمعيات. لا يختلف اثنان على ان المرحوم عبد الله القادري شكل نموذحا مختلفا في العلاقات العامة. اعطى مجالا للحريات لم يدركه الناس مع سلطة اليسار . لم يكن له عقل ثاري وكان له من القوة المعنوية ما جعله لم يشعر ابدا بالدونية امام السلطة الوصية.

 

Tags

المتابعة عبر البريد

اشترك في القائمة البريدية الخاصة بنا للتوصل بكل الاخبار الحصرية