عاجل آخر الأخبار
مباشر
wb_sunny

خير عاجل

المذاكرة... الاحمر بن منصور وحركة الجهاد

المذاكرة... الاحمر بن منصور وحركة الجهاد

 

برشيد نيوز: متابعة

اجتمعت قبائل الشاوية على مقاومة الاحتلال،الذي استولى على الدار البيضاء وشرع في احتلال أراضي الشاوية في صيف 1907.وخلق ذلك جو من الحماس للجهاد ولمقاتلة الكفار.فالقبائل أعدت العدة لمواجهة الغزاة،وكان من رؤسائها وزعمائها الاحمر بن منصور وعمرو الغنيمي ومحمد بن الطيب البوعزاوي ومحمد بن العربي المذكوري.

وكان الاحمر بن منصور المذكوري أحد أعيان القبيلة ومن زعماء وأبطال المقاومة الذين احتفظت الذاكرة الشعبية في الشاوية ببعض أمجادهم وبطولاتهم .والفرنسيون أنفسهم اعترفوا له بالزعامة وقوة النفود في القبيلة وأهمية الدور في الانتفاضة.فقد شارك هذا الزعيم، على رأس الأحلاف،في المعارك التي جرت ضد الفرنسيين وكانت هذه المعارك شديدة العنف والضراوة.

لكن جيش الاحتلال استمر في زحفه، ولم يستطع المجاهدون،رغم المقاومة الشرسة التي أبدوها وبذلوها، من إيقاف هذا الزحف ومنع الاحتلال.وأرغموا،نتيجة ذلك،على التقهقر والانسحاب والبحث عن الأمكنة التي لاتطالهم فيها أيدي الغزاة،الذين تمكنوا من فرض وجودهم الاستعماري والتغلغل بجيوشهم فوق أراضي الشاوية.وذالك ماترمز إليه ثلاثة أحداث جرت كلها بشهر مارس من سنة 1908:

أ.عبر مراسل جريدة "لوماتان"Matin والمقرب من مولاي حفيظ،بعد معركة وادي عسيلة (8مارس1908)،خط الجبهة الفرنسية ليقدم الجنرال"داماد"dAmade اقتراحات مولاي حفيظ من أجل"تحقيق السلم".

ب.انهزمت حركة بونوالة الجهادية، الموالية لمولاي السلطان حفيظ،في سيد الغنيميين (15مارس1908)وقام جيش الاحتلال في تلك اللحظة التي تكبد فيها المجاهدون خسائر كبيرة، بتدمير 2.500خيمة في ليلة واحدة.

ج.تمكن الفرنسيون من الاستيلاء على أجزاء واسعة من بلاد المذاكرة ومن تأسيس مركز عسكري:"بوشرون"Boucheron(الكارة)في 1908.3.29.

وكان لهذه الأحداث الكبرى والخطيرة وقعها الشديد وأثرها البالغ على نفوس المغاربة. وقد شعر البعض،منذ تلك الفترة ، بلاجدوى الاستمرار في المقاومة.لكن روح الجهاد، مع ذلك، لم تضعف لدى الكثير من المجاهدين. ومن هؤلاء الاحمر بن منصور الذي حاول البحث عمن يساعده على الاستمرار في المقاومة. وتحقيقا لهذه الغاية ذهب في أبريل 1908، على وفد من المذاكرة لملاقاة الزيانيين،ولكنه فشل في مسعاه،وعاد أغلب الفرسان المرافقين له إلى مخيمات المذاكرة.في حين التحق الأحمر بن منصور ومن بقي معه بمخيمات مولاي حفيظ.

ورغم فشل المجاهدين المذاكرة في الحصول على العدة والعتاد المطلوبين، فإنهم استمروا في رفضهم للإحتلال وفي صراعهم مع العدو.ومن المعارك التي جرت بين الطرفين معركة "بير الورد"التي جرت أطوارها ،في16ماي 1908، فوق أراضي"موالين الغابة "(الأحلاف ومليلة).وقد استمات المجاهدون وقدموا الكثير من الشهداء والتضحيات في هذه المعركة التي كانت من أشد المعارك عنفا وشدة.ونظرا لجسامة التضحيات التي قدموها والخسائر التي تكبدوها، فقد شبهها كنوني الحاج أحمد المذكوري ب"يوم كربلاء"،واعتبرها المرحوم الدكتور محمد زنيبر مؤشرا يرمز ل"بداية النهاية"بالنسبة لتلك المقاومة الباسلة.

وقد أرغم اشتداد الضغط العسكري والتغلغل الفرنسي المقاومين على التراجع والانسحاب، لكن ذلك لم يطفئ من جذوة الحماس والجهاد في نفس ابن منصور الذي أكد بعض الباحثين بأنه التحق بالحركة الحفيظية و«لم يقدم الولاء إلاسنة1912»،وتفيد الروايات الشفوية المحلية بأنه لجأ سنتي1909و1910.إلى بني خيران والتحق بعدها بالمقاومين بناحية فاس التي مكث بها بين1911و1915.ثم عاد إلى"نزالة الاحمر"بقبيلته.«وبقي هناك يحمي كل من يتردد عليه أو يسكن بجواره دون أن يصله الفرنسيون وظل رافضا أن يسلم عليهم أو يراهم إلى أن مات».

ومايثير الاهتمام في هذا المجال هو صمت المصادر عن استعراض اللحظات القوية في حياة هذه الشخصية بعد فشل الإنتفاضة.فإذا كانت الروايات الشفوية لا تقدم لنا تفاصيل كثيرة ودقيقة عن مسيرته النضالية بعد سنة1908.ولا تساعدنا كثيرا على كتابة تاريخيه الجهادي،فإن المصادر الفرنسية، بدورها، لا تسعفنا كثيرا في تتبع مسيرته ورسم مساره في الكفاح ضد الاحتلال.فهل هذا يعني أنه انتهى وزمانه انقضي بانقضاء زمن الانتفاضة؟

قد يكون الأمر كذلك خصوصا وأنه كان نموذج المجاهد الصامد الذي تربى على الصمود والجهاد ورفض الخنوع والاستسلام . فهو لم يسع لكسب ود الفرنسيين وتقرب منهم. وإن كانت فرنسا قد قررت في لحظة من اللحظات أن تقربه إليها،وأن تمنحه قيادة مليلة والاحلاف ،فإنه،استنادا لرواية روتها لنا حفيدته لم يقبل المنصب الذي اقترح عليه ، لأنه كان يرفض «بيع ضميره».

Tags

المتابعة عبر البريد

اشترك في القائمة البريدية الخاصة بنا للتوصل بكل الاخبار الحصرية