عاجل آخر الأخبار
مباشر
wb_sunny

خير عاجل

حسن فريد يتجرأ على النور

حسن فريد يتجرأ على النور

ذ.حسن فريد
برشيد نيوز : بقلم نورالدين ابوحنيف
حين لا يتوقف النبض ، لا يتوقف الشعر ... هكذا أقرأ الفاضل " حسن فريد " في مقطوعته المنفلتة من قبضة الكلام ، و هي تسافر في لعنة اخترام سلطة المألوف ، عبر سيمياء البساطة في دهشتها الممكنة ، حين ترى النور فلا تخشاه ، بل تسير في اتجاه المعانقة ... يقول صديقي " حسن فريد ، الموسوم ب " أبوصلاح " " :
من ثقوب الستائرْ،
بكل تأكيد،
تتسلل أشعة
أخرى
ذات معنى ...
أنا شخصيا
سأتجاسر
على النور
لأفتح حواسي
المغمضة
لأصير عاشقا
مرة اخرى
ح ف ابو صلاح
و في أول تسطير ، يعلن الشاعر عن انتهاكه لسلطان المكان ، و هو يُحدث في سيميائها البليدة ثقوبا نوعية خارجة من ضغط العلامة إلى مروونة الدلالة ، فتتحول الثقوب إلى إمكان لقراءة الماحول في تجلياته الصارمة و القاضية بتحويل الرؤية المسطحة إلى رؤيا متناغمة ، دافعة ، تعانق الكون في عنصر من عناصره " الكوسموس " ، و يتعلق الأمر بعنصر " الشعاع " الذي يتحول في قبضة الشاعر من حالة إضاءة إلى حالة جوانية تروم بدءاً صوفيا ينتهي صداه و لا ينتهي مداه ... و الاشعة في منظور الشاعر ، حسب تأويلي المستفز ، لا تعدو أن تكون ذاتاً ابتعدت عن النور ردحا من الزمن ، لتتجدد فيها سيمياء الوحشة و الشوق إلى معاودة العناق في تجليه الرؤيوي المستبعد كل الاستبعاد لحالات التشيؤ الباهتة ، و لتتحول الاشياء هنا ، و في عجالة قصيدية لا تكترث بالاسهاب ، إلى بؤر من ضوء ، كل شعاع فيها يتحدث لغة الرفض لسلطان المعنى الذي كان ... و حتى لو سارت سيمياء التعبير في اتجاه المعنى ، في قول الشاعر " تتسلل اشعة اخرى ذات معنى " فالمعنى ذاته أمر مستعص على القبض و مورّط و مستفز ... ذاك أن الشاعر و هو يقحم الاشعة في المعنى فهو لا يريد أن يجرنا إلى حالات الفهم ، لأن الأمر عنده أكبر من درجة الاستيعاب لأنه شاعر يحترم ذكاءنا ... المعنى هنا هو اللامعنى ذاته و هي قصة كل شاعر وصل ، و الوصول هنا كشف ، و الكشف هنا باب كبير من الاسرار
و في انتظار أن تصل الاشعة مجالها السيميائي الموعود ، تندلق الذات مادة انسيابية في غير نرجسية ، حتى و لو كان منطوق العبارة نرجسي العلامة " أنا شخصيا " لأن الشاعر هنا حريص كل الحرص على اتباث هذه الذات في نزوع لا فرداني ينفرد بالسمات الممكنة ، و إنما في نزوع شخصاني يعترف للذات بحضورها المشروع و المستحق ، لأننا و نحن نقرأ ذواتنا في مجالات شتى من العلاقات نتجاسر على القيمة و ندعي نكران الذات ... فيما الشاعر هنا يحرص في شاعرية نوعية على ان تكون ذاته حاضرة بشكل شخصي لا تقترض مسوحا و لا اقنعة لأنها في سبيل اقتحام أمر جدلل يتعلق بالنور ... و النور سيمياء ، لا مجال للعب في شأنها ...
ماذا يقع لو انفتحنا على النور ؟ لننظر إلى صاحبنا " حسن " و هو يغامر باللغة في دروب التجلي الجواني ... يعتبر الشاعر كشفه للثقوب و استحضار شخصه الفردي ، جسارة ما بعدها جسارة على سديم النور ... من هنا نستوعب لا إمكان الحضور فقط ، و إنما إمكان الفعل ...و اختيار الشاعر لمفردة " أتجاسر " لها قيمتها الدلالية في بعدين : الأول يرتبط بتطليق سكونية الذات المغلقة في تاريخ طويل من الخشية و الخوف و الارتكان إلى الدعة و البداهة ... و الثاني يرتبط بقيمة الفتح ، و الفتح هنا صوفي بامتياز ، لا يقترب من النور إلا لاستجلاء أكبر قدر من معانقة النور في قوة مد وجزر في اتجاه النور ، حتى تتحقق الثمالة من النور ... و الدليل على هذا النهم الجمالي الدلالي هو استعداد الذات ان تفتح كل حواسها المغمضة ، و في الإغماض دليل آخر على ترك الرسالة مفتوحة لكل من يرغب في التجاسر على النور ، فلا كان لعين مغمضة راحة وهي ترى النور و لا تعبق منه ...
التتويج الأخير يأتي من خلال فهم هدفية المراحل الأولى : الثقب - الحضور - التجاسر - العناق ... و يتعلق الأمر بلحظة " العشق " ... و من منظر الشاعر ، فهذا العشق قديم و إنما يقع التجديد فيه على اساس أن العبارة تفيد أن الذات هنا راكمت قشورا كثيفة من النسيان حتى بهُت العشق و الآن جاء السياق المناسب لتعبق من النور تجديدا لنسغها الممكن في معاودة العشق على الطريقة " الحسنية " نسبة إلى حسن ... دمتَ شاعرا

Tags

المتابعة عبر البريد

اشترك في القائمة البريدية الخاصة بنا للتوصل بكل الاخبار الحصرية