عاجل آخر الأخبار
مباشر
wb_sunny

خير عاجل

بقلم المحامي الاستاذ عبد الإله البيضي : السيرة الذاتية ...القدوة

بقلم المحامي الاستاذ عبد الإله البيضي : السيرة الذاتية ...القدوة


السيرة الذاتية ...القدوة .
برشيد نيوز : بقلم المحامي الاستاذ عبد الإله البيضي
تعود الفرنسيون على ان يكتبوا مذكراتهم وسير حياتهم، وكل من يتحمل منهم مسؤولية ما يكتب عن الفترة التي قضاها في هذ ه المسؤولية سواء اكانت سياسية او ادارية او جمعوية ، بل ان البعض منهم يكتب عن المرض الذي ألم به وعن مشوار العلاج الذي سلكه . كل ذلك من اجل ان يبقى الكتاب الذي قام بنشره وثيقة مملوكة للقارىء بل مملوكة لكل مسؤول او مواطن يستفيد منها ليتجنب الاخطاء التي وقع فيها الكاتب .
فمثلا ساسة فرنسا ينهون مشاورهم بكتاب يحكون فيه حياتهم السياسية منذ ان فتحوا اعينهم على العالم السياسي اي منذ انتماءهم لأحزابهم إلى ان اتخذوا قرارا بالاعتزال والابتعاد عن السياسة ، فكتب سيرهم لاتخلو من تسجيل الاخطاء بل والهفوات ، بل والانزلاقات التي واكبت مساراتهم لانهم يخافون من التاريخ ومن الزمن ، وبالتالي فهم يعرفون على ان هذا النوع من الكتابة موجه الى الشباب والى الخلف ، لانه بهذه الكتب يصنع الخلف . فهم يتطرقون الى القرارات التي اخطأوا في اتخاذها كما يتطرقون الى القرارات التي اصابوا فيها، وكذلك رجل الاداري عندهم يتطرق في كتاباته الى الحياة الادارية ومساره الاداري منذ ولوجه سلك الادارة الى حين احالته على ا لتقاعد، ولذلك فهم طوروا ادارتهم من خلال ما كتبه ا لسابقون، فتحسنت اساليب ادارتهم وجودوا دواليبها ومساطرها كما انهم حسنوا من الخدمات الادارية في اطار علاقة المواطن برجل الادارة . فرجل الادارة كغيره من رجال القانون مثل المحامي والقاضي ،فهؤلاء هم كذلك يكتبون ويسطرون سير حياتهم من خلال القضايا التي اشتغلوا عليها وكذلك الاطباء عندهم ، فهم يكتبون عن العمليات الجراحية الناجحة والابداع الذي مارسوه فيها وكذلك المهندس والعامل والفلاح ، فحتى المجرم المقترف لفعل اجرامي هو كذلك يكتب عن حياته وماهي الاسباب والدوافع وراء ارتكابه لجريمته وذلك حتى يتمكن المختصون من دراستها ويجدون الحلول الضرورية لها .
هكذا تعود الفرنسيون وبهذا صلح مجتمعهم لان كتابا من هذا النوع هو وثيقة تخلد في ذاكرة الفرد والمجتمع وتؤثر في سلوكه اليومي ويستفيد منها ليكون مواطنا صالحا .
اما نحن فبالرغم من مرور ازيد من خمسين سنة على استقلال بلادنا فمازلنا نعاني من خصاص في هذا الجنس من الكتابة ، ولا احد في بلدنا سوا ء من السياسيين او رجال الادارة او رجال القانون او رجال الاعمال او اصحاب المهن الحرة فلا احد تجرأ على الكتابة وترك لمن بعده مؤلفا تستفيد منه الاجيال التي من بعده . فكيف لبلد مثل بلدنا ان يعرف التقدم والتطور في مجالات السياسة والادارة والقانون والطب والصناعة . فلا السياسي يوثق مساره السياسي ولا الاداري يؤرخ لحياته الادارية حتى يكونوا قدوة لغيرهم .
فأنى لنا ان نصنع ونربي المحامي والقاضي والمهندس والمعلم والطبيب والسجين ونحن نفتقر الى مثل هذه الكتب التي تعتبر سراجا يهتدي به كل واحد في مجاله .

Tags

المتابعة عبر البريد

اشترك في القائمة البريدية الخاصة بنا للتوصل بكل الاخبار الحصرية