عاجل آخر الأخبار
مباشر
wb_sunny

خير عاجل

بقلم الجيلالي طهير : جوانب من تاريخ الرياضة، والمنتزه الرياضي ببرشيد

بقلم الجيلالي طهير : جوانب من تاريخ الرياضة، والمنتزه الرياضي ببرشيد

جوانب من تاريخ الرياضة، والمنتزه الرياضي ببرشيد.
برشيد نيوز: بقلم الجيلالي طهير.
" لأَننِي وَطَنِيٌ، وَطَنُنَا يَعْنِي لِي أَكثرَ مِنْ مَالِي"، يقول مليونير أميركي. بين أن تسكن برشيد وتحبها لأجل كسب المال، ثم تتقمص دور الصالحين، وبين أن لا تسكن في برشيد وتحبها من الأعماق، لأنها دمها يجري في العروق، فرقٌ كبير. عندما يسكن المال القلوب والعقول ، يسلب منا إنسانيتنا، وحتى حب الوطن. ولذلك، تسعى برشيد لمعانقة أبنائها المغربين في أرجاء مدن المملكة وخارجها. ولذلك نحن نحفر التربة عميقا، ونكتب عن الجذور الغائرة، كي تبقى الأم الخالدة حية في الوجدان.
في بداية شهر أكتوبر الحالي، تبخرت أحلام، وأحبطت آمال، وكأني بالأم برشيد تقول لصغارها، وهي لا تحب أن تراهم يدفنون حريتهم في خشب براكة ذوي الاحتياجات السياسية الخاصة: " ماذا أقول لكم يا أبناء أحشائي؟ لا تحتقروا أمكم إذا شاخت، واقتنوا الحق ولا تبيعوه. افتحوا أفواهكم واحشدوا أقلامكم دفاعا عن المتألمين وعن حقوق جميع المهملين. إن هناك من يرى نفسه طاهرا وهو من وسخه لا يغتسل، فلا تشكوا عبدا إلى سيده، لئلا يشمت فيكم. الإسمنت المسلح في القناطر ثقيل، والحديد ثقيل، وتراب القبر أثقل. لا خير في من لا يبارك قيسارية أجداده المتجذرة في الأرض، ويدشن براكة الجاه الزائلة. فلا تعقدوا الصفقات التي تهيؤ لأرضية استغلالية ذات طابع كريه، لأني أحب أن أراكم ماهرين. أرأيتم ماهرا في عمله؟ مع الملوك لا مع الرعاع مقامه" .
لا توحي مدينة برشيد المنهوبة بأنها كانت ذات ماض صاخب، شكلت منارة للشهامة في يوم من الأيام، وكانت رمزا للكرم وحسن الضيافة. وكانت صرحا رياضيا رائدا، أحرزت السبق الرياضي الذي حققه أبناؤها منذ بداية الاستقلال. أولئك الذين لم يمنحهم الزمن الأغبر فرصة التكريم، وهم الآن يرحمهم الله في عداد الأموات المنسيين. رحم الله ادريس باموس، ومحمد العماري، وبوعزة إيماني، والقائمة طويلة.
قبل افتتاح الطريق السيار، وتحويل السير من واجهة المدينة إلى أطرافها، كان حي "لاكار" ينعم بنوع من الإزدهار. وكان السائقون يتوقفون به للاستراحة، وتدوق الكؤوس المنعشة عند عبد السلام لبينة، قبل أن يكملوا سفرهم نحو مراكش، خريبكة، وبني ملال. وقد بدأت الولادة الحقيقية لبرشيد من هنا، من هذا الحي الأوروبي الأنيق الذي عرف بناء أول محطة للسكة الحديدية سنة 1908، تسير فوقها عربة مجرورة بواسطة الدواب. وابتداء من سنة 1931 ، سيعرف مسار الطريقين القادمتين من الدار البيضاء عبر مديونة وبوسكورة تعديلا طفيفا، أعطى المدينة واجهتها الحالية: شارع محمد الخامس.
فقد تم تغيير نقطة التقاء الطريق القادمة من مديونة مع الطريق القادمة من بوسكورة، والتي كانت تمر بالقرب من سيدي زاكور، باتجاه أحد الأبواب الأربعة للقصبة القديمة ( مستشفى الأمراض العصبية لاحقا)، وهو الباب الشرقي المسمى "باب الدار البيضاء. ولما أصبح الملتقى الجديد هو " سافيدا" ، أضيفت قطعة جديدة من الطريق تمتد من هذه النقطة إلى زنقة يوسف بن تاشفين، مارة أمام كنيسة سان لوي التي تم تدشينها في مارس 1934، فاسحة المجال لخروج عدد من المقاهي والفنادق الصغيرة إلى الوجود. وهكذا تم استغلال المساحة المتروكة شرق الجزء الجديد من الطريق، والمقدرة بأكثر من ستة هكتارات، إلى فضاء سياحي ورياضي، جرى وضعه رهن إشارة النادي الرياضي لبرشيد( الكاب)، ابتداء من سنة 1932.
إن الموضوعية، والابتعاد الكلي عن التعصب والشوفينية، يدفعنا إلى القول بأن تاريخ "الكاب" جد قصير، مقارنة مع تاريخ النادي الرياضي لسطات. لم يعرف " الكاب" النور إلا بتاريخ 02 يوليوز 1921، على يد مؤسسه مارسيل لانكي. وفي السنة الموالية، تم التشطيب عليه من قوائم الجامعة الفرنسية للرياضة وعصبة الدار البيضاء، واعتبر وكأنه لم يكن، بسبب تقاعس مكتبه في تأدية واجبات الانخراط المترتبة عليه، وعدم الاجابة عن المراسلات الموجهة إليه من الهيئات المعنية. وأما النادي الرياضي السطاتي، صاحب القميص الأصفر والأسود، فتم تأسيسه سنة 1913، واستقطب منذ التأسيس لاعبين مشهورين مثل سرفيني، عميد فريق الجمعية الرياضية الجزائر؛ وكاستالا، من نادي بوردو؛ ولامبير وألكباش من نادي راسينغ دي باري، الخ. وكانت المسابح ، و تيران الكورس، وملعب التنس، بسطات أشهر من أسماء على أعلام بالشاوية.
فبحسب تعداد سنة 1926، لم يكن عدد ساكنة برشيد يتجاوز 718 نسمة، منهم 343 أوروبي، 171 يهودي ، و98 مسلم. وكانت ممارسة كرة القدم حكرا على العسكريين الفرنسيين الدين أدخلوا اللعبة إلى المغرب كافة. ولذلك، كان ملعب برشيد لكرة القدم يتواجد شرق الثكنة العسكرية، على يمين طريق الرحيحات ( موقع مقهى نجمة أكادير حاليا)، ولم يكن غير حقل زراعي، في الهواء الطلق، بدون سياج، مغبرا خلال الأيام المشمسة، ومكسوا بالأوحال عند هطول المطر. وفي سنة 1932، تم تدشين المركب الرياضي الأخضر في حفل بهيج، على عهد المراقب المدني بيلي، وهو ضابط عسكري مثقف، عرفت برشيد في عهده نقلة نوعية على المستوى المعماري والرياضي. بحيث لا تزال شاهدة على عصره، أشجار النخيل المغروسة، في شهر فبراير من سنة 1934، بساحة الاستقلال ، بينما تعرض النخيل المغروس أمام مكتب البريد للاتلاف، من طرف المارة الذين كانوا يقطعون أورقه ليصنعوا منها " الشريط".
نجح المراقب المدني بيلي في تحويل حقل زراعي إلى فضاء فسيح للنزهة والسياحة وممارسة مختلف أنواع الرياضات، اعتبر وقتها منتزها نمودجيا على مستوى شمال افريقيا، ضم عددا من الملاعب الرياضية لممارسة كرة القدم، وكرة السلة، والتنس، والكرة الحديدية (بولودروم). بالإضافة إلى حلبة العدو الريفي، والقفز الطولي، والقفز العلوي، الخ. ناهيك عن البساط الأخضر المزين بالأشجار والأزهار. وقد تصدر حفل تدشين المركب سجل المحافل بالشاوية، باستقطابه لعدد هائل من الزوار من مختلف الجنسيات، حجوا إلى برشيد بالسيارات والحافلات، قادمين من الدار البيضاء، فضالة، خريبكة، وادي زم، أبي الجعد، بن أحمد، تادلا ، الخ. وبموازاة مع ذلك، تعبأت حافلات النقل السريع " لومير"، وفتحت خطا استثنائيا لنقل الزائرين من نقطة الانطلاق بالدار البيضاء، من أمام مقهى فرنسا، إلى برشيد.
لقد طغى رونق حفل التدشين وأبهر زوار برشيد الذين وجدوا يافطات كبيرة معلقة بباب المنتزه ترحب بقدومهم؛ وفي استقبالهم كانت فتيات صغيرات، متأنقات، شديدة التهذيب، تعلق على صدر كل زائر وزائرة شارة الجمعية الخيرية الفرنسية . كل ذلك من أجل تشجيع الزوار على شراء أوراق اليناصيب المخصصة مداخيلها لهذه المؤسسة،التي كانت تترأتسها مدام بيلي، زوجة المراقب المدني.
قامت لجنة مكلفة من طرف مكتب النادي الرياضي لبرشيد، برئاسة موليني، بتنظيم الحفل، تحت رعاية جريدة "لافيجي ماروكان" المساندة للنادي. وكان برنامج الإحتفال مغريا، شمل عدة عناصر جدب قوية، لا تعرفها غير مثل هذه المناسبات الكبرى، تتصدرها أنشطة رياضية، وألعاب شعبية ترفيهية للكبار والصغار، منها على سبيل الذكر لا الحصر: دوري في كرة القدم على مختلف مستويات الأعمار؛ دوري في كرة السلة ذكور وإناث بمشاركة أسماء نسوية رائدة؛ دوري للتنس بمشاركة لاعبين ولاعبات يحظون بالشهرة؛ مباريات في الرماية بمختلف أنواعها؛ مباريات في الكرة الحديدية؛ الملاكمة؛ العدو الريفي؛ سباق الدراجات هواة؛ ألعاب خاصة بالصغار؛ الخ.
تمت برمجة حفل التدشين بتزامن مع دوري أنبرغ الشهير لسباق الدراجات، وكانت تنظمه سنويا شركة أنبيرغ للعجلات المطاطية، وهو ما مكن الزوار من التعرف على أبطال عالميين في الدراجة، لم يسبق لهم مشاهدتهم عن قرب. وقد انطلق المتسابقون من حديقة ليوطي بالدار البيضاء ( الجامعة العربية) باتجاه الجديدة، ودخلوا مركز برشيد من جهة طريق عين سيرني (السوالم) ، ومن تمة عادوا الى مدينة الدار البيضاء عبر طريق مديونة، بعد مرورهم أمام المنتزه الرياضي، حيث كان يصطف الزوار على الرصيف. وخلال هذه المناسبة، تمت تهيئة مدرج صغير لهبوط الطائرات، بجوار المركب الرياضي الأخضر، على يد مختصين قدموا لبرشيد لهذا الغرض. وفي يوم التدشين، استقبل المدرج سربا من 08 طائرات سياحية قدمت للتو من برشلونة، لتلبية رغبات الزوار الراغبين في القيام برحلة جوية في سماء برشيد، لمدة 30 دقيقة ، بثمن مغري. وقد تمكن الزوار، وهم يحلقون عاليا في سماء برشيد، من الاستمتاع بمنظر الحقول الخضراء لأولاد حريز، المزينة بألوان الأزهار البرية، ولسان حالهم يقول: " ما أجمل هذه المدينة الصغيرة عندما تراها من السماء". الخضرة هي الحياة الدائمة فينا.
اختتم الحفل الرياضي بسهرة غنائية راقصة، أقيمت بقاعة موليني، المقر الرسمي للنادي الرياضي برشيد، على عزف أوركسترا من الدرجة الأولى قادمة من مدينة الدار البيضاء. وخلال الحفل الساهر جرى سحب يناصيب الجمعية الخيرية الفرنسية tombola. وفي وقت متأخر من الليل، أطلقت الشهب الاصطناعية لتضيئ سماء مركز برشيد المظلمة، وراح كل إلى غايته مسرورا. وللإشارة، فقد كان حي لاكار يتوفر على فرقة موسيقية محلية، تتطوع للترفيه على الساكنة في المناسبات والحفلات. الفنان ابن بيئته، ومما لا شك فيه، أن هذه البيئة الفنية المؤثرة هي من أنجب الموسيقار الحاج يونس، وأحمد الحسناوي (فهد بلان) ، وبوفروج حميد، وفرقة " أبناء الشمس" لمصطفى سمير، في مطلع السبعينات.
في سنة 1936، قفز عدد سكان برشيد إلى 1992 نسمة، لكن انخفض عدد الأوربيين إلى 323 نسمة، وبقي عدد اليهود مستقرا في 171 نسمة، بينما ارتفعت ساكنة المسلمين إلى 1497 نسمة. ثم جاءت سنة 1938، ليتم نقل المراقب المدني بيلي بترقية إلى الرباط، ويحل محله زميله تيسيه القادم إلى برشيد من مدينة فاس. في تلك الفترة، انتخبت الجمعية الخيرية الفرنسية مكتبها الجديد برئاسة مدام دولامار، زوجة الطبيب رئيس المستشفى الأهلي، وانتخب النادي الرياضي لبرشيد مكتبه الجديد برئاسة كونجو.
أخذ المراقب المدني الجديد على عاتقه تطوير وتكملة إنجاز سلفه، فأعاد النظر في تصميم المركب الرياضي الأخضر، بأن حول مدخله الرئيسي إلى فضاء معشوشبpelouse ، وحول مكان ملعب كرة القدم إلى الجنوب، وأضاف حلبات دائرية للعدو الريفي، ومسابح للصغار، وعارئش للوقاية من الشمسpergolas ، والباقي دون تغيير. وقد تمت أشغال تهيئة الأرض، وأشغال التربة الصالحة لممارسة اللعب، وإزالة الأعشاب والأحجار، وغرس الأشجار والعشب بواسطة اليد العاملة الجنائية، أي نزلاء السجن المدني الذي كان يحرسه الجزائري عزي مبارك، قبل عصر با ميلود.
كانت بقايا حديد وأخشاب محطة السكة الحديدية العسكرية لا تزال موجودة بداخل المركب الرياضي الأخضر، فتم اقتلاعها بواسطة اليد العاملة الجنائية، واستغلالها لبناء دار العجزة، خارج مركز برشيد، تفاديا لانتشار الحشرات المعدية ( القمل) . ودار العجزة هي عبارة عن مركز لإيواء المشردين والمتسولين من الأهالي، والمرضى بالتيفوس، كان يشرف عليها مكتب الجمعية الخيرية الإسلامية، التي يرأسها القائد محمد برشيد؛ بمساعدة نائبه قاضي أولاد حريز، مولاي المهدي الفاسي؛ وأمين صندوق الجمعية، القابض الفرنسي. ففي عهد الاستعمار، كانت الجمعية الخيرية الإسلامية تستمد مداخيلها من فوائض الجمعية الخيرية الفرنسية، ولكنها كانت تباشر أعمالها تحت وصاية المراقب المدني المحلي ببرشيد، والمراقب المدني الجهوي بالدار البيضاء.
في تلك الفترة، كان النادي الرياضي لبرشيد يسهر على تنظيم دروس مجانية في التربية البدنية ، يؤطرها متطوعون مختصون، ويحضرها نحو أربعين طفلا أوروبيا خلال أيام السبت، بقاعة سينما موليني. وكان النادي يتوفر على فريق نسوي للتنس من العيار الثقيل، حاز على عدة كؤوس، في عدة ملتقيات رياضية وطنية. وبفضل التمارين الجدية بمسابح مارتينيز، حاز خمس شبان منخرطين في النادي الرياضي سنة 1935 على الشهادة المدرسية في السباحة.
لابد من القول، أن المقاول باتاكليني، وهو من بنى قباضة برشيد ، والذي لا يزال اسمه منقوشا على رخامة بيضاء بمدخل هذا المرفق، تبرع عند إتمام المشروع بغلاف مالي لفريق التنس النسوي التابع للنادي الرياضي لبرشيد. والمؤسف في الظروف الراهنة، هو أن بعض مدرسي التربية الإسلامية، من المحسوبين على الأحزاب المزهوة بقواعدها الشعبية الكبيرة، لما تقلدوا زمام الأمور ببلدية برشيد، وقفوا حجرة عثرة ضد تشجيع الرياضة في واضحة النهار. فقد سبق للرئيس الاتحادي محمد طربوز، أن قال صراحة عند مطالبته بدعم يوسفية برشيد: " معنديش مع الكرة". ولاحقا، سيقول السيد حميد زاتني، آمر اللآمر بالصرف، من حزب العدالة والتنمية، لمن يهمهم تسيير يوسفية برشيد: " بغيتو نعاونوكم عل التراديح".
وأخيرا، دخل المركب الرياضي الأخضر غرفة الإنعاش بعد اختفاء النادي الرياضي لبرشيد بعد الاستقلال. ففي سنة 1955، تم إحداث الجامعات الملكية لمختلف الرياضات بالمغرب، محل الجامعات الفرنسية، بمكاتب حزب الاستقلال، على يد المهدي بنبركة وعبد الكريم الفلوس، وكان الهدف غير المعلن هو وضع اليد على الرياضة وتسخيرها لأغراض حزبية. وفي تلك الحقبة، تم تكوين فريق جديد ببرشيد، خاص بكرة القدم، دون غيرها من الرياضات الغائبة عن الساحة، يحمل اسم يوسفية برشيد. لا يمكن لنا سرد قائمة اللاعبين المغاربة الأوائل الذين مارسوا لعبة كرة القدم ببرشيد، و نكتفي بذكر أسماء حراس المرمى ، وهم ولد بريقة، ورشيد ولد لخليفة السي عبد السلام، ومحمد بلحطاب، ومحمد باموس.
توجد معايير كثيرة لقياس الكاريزما عند المسيرين في عالم كرة القدم، منها: النقط، الفوز، الأداء، وقلوب الجماهير. وكان محمد جمال الدين خليفة، عضو الجامعة الملكية الرياضية لكرة القدم، صاحب كاريزما بداخل النادي الرياضي يوسفية برشيد، مكن الفريق من الصعود مبكرا للقسم الوطني الثاني في الموسم الكروي 1958، قبيل استصدار القانون الخاص بتكوين الجمعيات سنة 1959.
في عهد الاستقلال، جرت بعض التعديلات على ملعب يوسفية برشيد، أملتها محاداته للطريق الرئيسية، والمخاوف من حوادث السير، وأضيفت لواجهته الخارجية مقهى وعدد من الدكاكين، بهدف توفير مداخيل قارة لخزينة الفريق. لكن طال الإهمال ما تبقى من المركب الرياضي الأخضر، الذي خصص جزء منه للمصلى وأداء صلاة العيد، باسثتناء فضاء التنس ، ذي التربة الحمراء، كان حوله شباب حي أرلو إلى ملعب صغير لكرة القدم.
بعد ارتقائه رئيسا للمجلس البلدي، في نهاية السبعينات، بادر عبد الله القادري إلى رد الاعتبار للمنتزه الرياضي، وأحياه من جديد، بأن جعل به ملاعب لكرة السلة، الكرة الطائرة، وحلبات العدو الريفي، الخ. كما دعمه بمركز ثقافي صغير، أسماه دار الشباب، والكل تحت يافطة مركب المسيرة الخضراء. وبنفس المناسبة، تمت إعادة تسوير ملعب كرة القدم ومده بمنصة مغطاة للجمهور، تخفي تحتها مستودعات الملابس، كما غير اتجاه البوابة الرئيسية للملعب، وجعل لها شبابيك للأداء. وكان جهدا ضائعا، إذ سرعان ما تم هدم المنصة الإسمنتية، ودار الشباب، وكل المركب الرياضي عن آخره، والتخطيط لبناء مركب رياضي جديد بطريق بوسكورة، فوق عقار تابع للشبيبة والرياضة، كان يأوي ضيعة فلاحية اسمها Mon Repos، مملوكة للمعمر الفرنسي هنري فالنتان، قبل أن تحولها الإدارة الفرنسية إلى مركز يهودي لإعادة تربية أبناء الملاح من المنحرفين القاصرين.
تم الشروع في إنجاز المشروع الجديد، من طرف المجلس الاتحادي، الذي خلف مجلس عبد الله القادري، وأعاد له تسميته الأصلية، وهي : " المنتزه الرياضي الترفيهي" Parc de verdure et des sports، عوض " المركب الرياضي المسيرة الخضراء"، قبل أن يسميه مجلس تعاونية حزب الاستقلال والعدالة والتنمية ب: " المركب الرياضي والترفيهي مولاي الحسن".
وكأن تاريخ الاستقلال أصبح لا معنى له. توقف الزمن، توقف العقل والإبداع أيضا، اللهم إلا فيما يتعلق بتغيير أسماء الأشياء والأمكنة من عصر لآخر، حسب النزوات الشخصية والأهواء السياسية. إن كل شيء أصبح يسير بالمقلوب في برشيد، وفق منطق حسابي خصوصي، منفصل تماما عن المجتمع. ففي عهد المراقب المدني الفرنسي، كانت مداخيل المركب الرياضي الأخضر تسخر لفائدة المعوزين من أبناء جلدته. وفي عهد مجلس الاستقلال، تم تفويت أجزاء كبيرة من المنتزه الرياضي للخواص لاستغلالها كمقاهي، ومطاعم، وقاعة حفلات، وفضاء الألعاب المؤدى عنها، كان فتح أبواقه بالغناء في شهر رمضان الفارط، بينما المصلون في مسجد الرياض يركزون، في الاستماع لكلام الله، أثناء التراويح.
علامة استفهام تطرح بشأن استفادة أشبال يوسفية برشيد من مرافق المنتزه الرياضي. أين يلعبون، وأين يتدربون؟ علامة استفهام مطروحة أيضا حول تعريف " التنمية البشرية" عند المسؤولين عن الشأن الإقليمي ببرشيد. المفهوم العلمي الحديث للفقر، حسب موسوعة إنكاتا، هو "الحالة التي يوجد فيها فرد لا يملك موارد كافية لينخرط في مستوى معيشي عادي". أي السلع والخدمات التي يحتاجها هذا الفرد ليعيش حياة كريمة. كما هو معلوم، مؤشرات التنمية البشرية، التي وضعت المغرب في المرتبة 123 عالمياً، تدرس الفقر بمعدلات الدخل والتغذية والصحة والسكن والتعليم. فهل هؤلاء الأغنياء الذين تصرف عليهم من ميزانية التنمية البشرية، لبناء فندق وبراكة معرض، يعانون من سوء التغدية والصحة والسكن والتعليم؟

Tags

المتابعة عبر البريد

اشترك في القائمة البريدية الخاصة بنا للتوصل بكل الاخبار الحصرية